فهم التضخّم
التضخّم يعني أنّ القدرة الشرائيّة لمبلغ محدّد من المال تنخفض مع الوقت. على مدى فترات أطول، قد يكون التأثير على القدرة الشرائيّة كبير. وكما أنّ المراكمة محرّك قويّ لتنمية رأس مالنا، يعمل التضخّم بطريقةٍ مماثلة، لكن في الاتّجاه المعاكس.
لنفترض أنّكم استثمرتم مبلغ 10 آلاف دولار لمدة ثلاثين عاماً لتحقيق عائد سنويّ ثابت بنسبة 8%. بغياب التضخم، تحصلون على 100,627 دولار في نهاية هذه المدة، أي أكثر من استثماركم الأصليّ بعشر مرّات.
والآن لنفترض أنّ التضخّم بلغ أيضاً 8% خلال هذه المدة، فماذا يعني ذلك؟ رغم أنّكم من الناحية التقنيّة تكونون قد نمّيتم مالكم، إلّا أنّ قدرته الشرائيّة كانت ستبقى كمبلغ 10 آلاف دولار الأصلي. بكلمات أخرى، سيكون النموّ المُعدّل حسب التضخّم منعدماً.
حتى لو نظرنا إلى رقم أكثر واقعيّة كنسبة 3%، قد ينخفض عائدكم الفعليّ للاستثمار من 8% إلى 4,85%، ما يعني أنّه بدلاً من تضاعف قدرتكم الشرائيّة عشر مرّات، ستتضاعف حوالي أربع مرّات فقط.
إنّ ذلك مهمّ خلال التقاعد، لأنّكم ستتوقّفون عندها عن الإضافة إلى رأس مالكم، بل ستسحبون المال منه. بكلمات أخرى، ينخفض مبلغ 10 آلاف دولار وكذلك يتراجع النمو بسبب التضخّم.
الخطر الذي يُشكّله التضخّم على عوائد المعاشات التقاعديّة
انتقلت الكثير من خطط المعاشات التقاعديّة في مكان العمل من تقديم دفعات منتظمة ومضمونة لمدى الحياة (كالراتب النهائي أو نظام المزايا المحدّدة) إلى المساهمة في صندوق يديره الموظّف بشكل أساسي (نظام المساهمات المحدّدة).
بغضّ النظر عن طريقة إدارة صندوق المعاش التقاعديّ، يمكن لارتفاع التضخّم أن يؤثّر سلباً على عوائد الاستثمار. مثلاً، إذا ارتفعت أسعار الفائدة نتيجةً لارتفاع التضخّم، فستنخفض قيمة الاستثمارات القائمة في السندات. وفي جميع الأحوال، ستنخفض العوائد الحقيقيّة للمحفظة ما سيُؤدي إلى انخفاض المبلغ الذي تمتلكونه خلال التقاعد.
حتى بالنسبة للمشاركين في نظام المزايا المحدّدة الذي غالباً ما يعدّل الدفعات بزيادتها ليعكس غلاء المعيشة (بدل غلاء المعيشة)، يعكس ذلك عادةً المستوى العام للتضخّم في مقابل تكاليف كالرعاية الصحيّة التي تميل إلى الارتفاع بسرعة أكبر.
الطريقة الوحيدة لضمان أمانكم خلال التقاعد هي تحديد المعدّل الحقيقيّ للعائد الذي تحتاجونه لتحقيق أهدافكم والتأكد أنّ استثماراتكم تتصدى لتأثيرات التضخّم.
إستراتيجيّات التصدي لتأثيرات التضخّم
لحسن الحظ، ثمّة الكثير من الطرق لزيادة العوائد والتصدي لتأثيرات التضخّم. إليكم بعض النصائح العمليّة.
تنويع الاستثمارات: تتميّز بعض الأصول كالذهب أو السلع الأساسيّة بكونها مقاومة للتضخّم. ويعني تنوّع الأصول في محفظتكم أنّه بإمكانكم التخفيف من تأثيرات التضخّم أو حتى التغلّب عليها.
الأوراق الماليّة المرتبطة بالتضخّم: كما يشير الإسم، هي أدوات ماليّة (كالسندات المرتبطة بالتضخّم) التي تُعدّل قيمتها تلقائيّاً للحفاظ على قدرتها الشرائيّة. غالباً ما يكون العائد الإسميّ أقلّ من الأوراق الماليّة المماثلة.
مراجعات منتظمة للمحفظة: في الحالات التي يكون فيها التضخّم شديداً أو معتدلاً على وجه الخصوص، قد يكون من المنطقيّ إضافة فئات أصول أو إزالتها لتعكس ذلك. أفضل طريقة لتحقيق ذلك هي من خلال المراجعات الدوريّة بدلاً من محاولة توقّع التحرّكات المستقبليّة للأسواق.
عدم الاعتماد على الحكومة: لا تُصمّم البرامج الحكوميّة في معظم الحالات لاستبدال الاستثمارات الشخصيّة أو أنظمة المعاشات التقاعديّة بالكامل. لذلك، الاعتماد على الحكومة وحسب قد يعني أنّكم غير قادرين على الحفاظ على أسلوب حياتكم بعد التقاعد.
التخطيط المبكر وإدارة المخاطر
في حين أنّ هناك فترات يكون التضخّم فيها منخفضاً أو حتى سلبيّاً، إلّا أنّ البنوك المركزيّة حول العالم تستهدف مستوى معيّن للتضخّم تعتبره المعدّل السليم. بكلمات أخرى، علينا أن نفكّر دائماً بالقيمة الحقيقيّة لعوائد الاستثمار.
كما هو الحال في كلّ ما يخصّ الاستثمار، كلّما بدأتم مبكراً سيكون من الأسهل عليكم تحقيق النتائج التي ترغبونها. من ناحية أخرى، إذا بدأتم متأخّرين فإن ذلك يعني أنّكم قد تحتاجون إلى السعي لتحقيق عوائد مرتفعة جدّاً والمخاطرة بشكل كبير.
ليس من السهل تحقيق التوازن بين المخاطر والعوائد والاستجابة إلى مسار التضخّم والسياسة النقديّة الذي غالباً ما يكون مفاجئاً. ننصحكم بالتالي بعدم تحمّل العبء بمفردكم.
احجزوا موعداً للاجتماع مع أحد مستشارينا لمناقشة أهدافكم التقاعديّة ومعرفة المزيد عن كيفيّة مساعدتنا لكم على تحقيقها.