وحينما تعيدون استثمار أرباحكم لفترات زمنية طويلة، تنمو ثروتكم أكثر، مما يتيح لكم أن تتركوا لعائلتكم إرثاً دائماً ينمو عبر الأجيال. وهناك مقولة شهيرة لألبرت آينشتاين: "مراكمة الفائدة هي أعجوبة الدنيا الثامنة. ومن يفهمها يكسب. ومَن لا يفهمها، يخسر".
سنناقش في هذا المقال عن آلية المراكمة وكيف يمكنكم استخدامها لتنمية ثروتكم وحفظها لعائلتكم جيلاً من بعد جيلٍ.
عجائب مراكبة العوائد
يكمن وراء قوة المراكمة منطق محاسبي بسيط، قد يخدع نمط تفكير البسيط. وفيما يلي بعض الأمثلة من التاريخ.
حبة أرز تفلس دولة
يحكى عن احدى اقدم القصص من الهند إنه حينما قدم مخترع لعبة الشطرنج لعبته إلى الإمبراطور واعجب بها طلب من المخترع أن يختار أي مكافأة يريدها.
بتواضع طلب المخترع أن تُوضع حبة أرز واحدة في المربع الأول من رقعة الشطرنج، ثم تضاعف عددها في المربع التالي كل يوم حتى المربع الرابع والستين الأخير. وهكذا، توضع حبة أرز واحدة في اليوم الأول، واثنتين في اليوم الثاني وأربعٍ في اليوم الثالث وثماني في اليوم الرابع، إلخ. ووافق الإمبراطور.
ما لم يدركه الإمبراطور هو أنه سيحتاج أكثر من 18 كوينتيليون حبة أرز، أي ما يعادل حوالي 500 مليار طن من الأرز في المربع الرابع والستين بما يعادل إنتاج العالم كاملا على مدى 1000 سنة. لسوء الحظ، لم يستفد مخترع الشطرنج من معرفته بفن المراكمة، وحسب الأسطورة فقد حياته ثمناً لخديعته.
كيف أصبح 180 دولاراً 7.2 مليون دولار
في العصر الحديث، حقق المستثمرون أيضاً فوائد هائلة من مراكمة العوائد. ولو توفر الوقت مع الاستثمار المعقول، يمكن للثروة أن تنمو نمواً مطرداً.
في عام 1935، أثناء الركود الكبير في الولايات المتحدة ، أنفقت غريس غرونر، سكرتيرة متواضعة الحال، 180 دولارا (ما يعادل حوالي 3500 دولار في 2020) لشراء ثلاثة أسهم فقط في مختبرات أبوت، حيث كانت تعمل.
احتفظت غرونر بأسهمها على مدى 75 عاماً وأعادت استثمار أرباحها[1]. كان نمو قيمة الأسهم بطيئا في البداية. ولكن بعد عقودٍ من المراكمة، بدأت تنمو نمواً مطرداً. وعلى مدى أكثر من 13 فترة ركود، كانت غرونر تجني أرباحاً من أرباحها. وحين وفاتها في 2010، أوصت بمنح ثروتها لجمعية خيرية متخصصة في التعليم. قُدِّرت ثروتها وقتها بأكثر من 7,8 مليون دولار.
لو اشترت غرونر الأسهم في سنة 1945، لبلغت استثماراتها 1,7 مليون دولار بحلول 2010، أي 6.1 مليون دولار أقل. يُوضح هذا تأثير المراكبة الهائل على مدى 10 سنوات إضافية.
لا شك أن غريس غرونر كانت محظوظة للغاية. فنحن لن ننصح أبداً باستثمار جزء كبير من ثروتكم في أسهم شركة واحدة، ناهيكم الاحتفاظ بها 75 عاماً. لكن الحظ وحده لم يجعلها بهذا الثراء بدون قوة المراكمة الهائلة مع الزمن.
تنمية الثروات عبر الأجيال
قال المستثمر الشهير وارين بافيت: "إذا لم تجدوا طريقة لكسب المال وأنتم نائمون، ستعملون حتى تموت".
هذا ما تفعله بالضبط مراكمة العوائد، فهي تُنمي ثروتكم أثناء نومكم. وأفضل النتائج تحقق عبر العقود.
يبدو أن القاسم المشترك بين أغنى العائلات وأكثرها نفوذاً في العالم هو رؤيتهم الثاقبة في الاستثمارات و كثير من الوقت. فمثلا يعرف عن عائلة روتشيلد، ، سجلها الحافل في تنمية ثرواتها وحفظها على مدى 200 عاما. في مطلع القرن التاسع عشر، في زمن الحروب النابليونية، غامروا في سوق الأسهم و اشتروا استثمارات جيدة واحتفظوا بها. اليوم تمتلك عائلة روتشيلد سلسلة من الشركات ولا يزال ثراؤهم مذهلا.
كالشجرة، قد تبدأ الاستثمارات صغيرة جدا مثل البذور، ولكن مع السنين يمكنها أن تنتج فروعاً (أرباحاً)، وهذه الفروع بدورها تنتج فروعا أخرى. وفي النهاية، يمكن لبذرة واحدة فقط أن تصبح شجرة قوية عظيمة مليئة بالفروع. ومثلما هو الحال مع غريس غرونر وعائلة روتشيلد، يمكن للعوائد المتراكمة أن تحدث تحولاً حقيقياً لدى المستثمرين الاستراتيجيين المستعدين للاحتفاظ باستثماراتهم على المدى الطويل
كيف يمكن لمراكبة العوائد أن تنفع عائلتكم؟
للاستفادة من مراكمة العوائد، كل ما تحتاجونه الاستثمار الجيد والصبر.
الاستثمار الجيد والاحتفاظ بأسهمكم (استراتيجية "الشراء والاحتفاظ") هي الاستراتيجية المفضلة لكبار المستثمرين مثل وارين بافيت وجاك بوغل. وهنا، يستطيع خبراؤنا مساعدتكم في تحقيق ذلك.
تحديد استثمارات ذات مدى طويل مناسبة لكم
عندما تخططون للاستثمارلفترة طويلة، يجب أن تكونوا مستعدين لتحمل مخاطر محسوبة أعلى.
ولهذا، يمكنكم إما أن تجربوا حظكم مع بعض الشركات الجديدة في سوق الأسهم، أو أن تستثمروا في الأسواق الخاصة التي تقدم عوائد معدلة حسب المخاطر أفضل على المدى الطويل.
تتبنى جامعاتٌ عريقة مثل هارفرد وييل وكامبريدج وأكسفورد هذا النمط من الاستثمار الخاص (المعروف باسم "استثمار الوقف") لتأمين استمرارية التمويل الكافي لها. وقد تكون حلاً جيداً لمستقبل عائلتكم على المدى الطويل.
لتبدأوا بناء ثروة مستدامة لعائلتكم، تحدثوا مع خبرائنا الماليين اليوم. بفضل ما نمتلكه من تجارب وخبرات، يمكننا مساعدتكم في بدء رحلتكم في مراكمة العوائد.
هل اكتسبتم رؤى قيّمة من هذا المقال؟ تعرّفوا على التخطيط الإستراتيجي لتعاقب الورثة و"البودرة الجافّة" في الأسهم الخاصّة.