التحديات الشائعة
لماذا تُفقد الثروات العائلية؟ من الواضح أن هناك العديد من الأسباب المحتملة، لكن عدم التخطيط هو أساس الكثير منها. ليس من المستغرب عدم التخطيط ، لأن موضوع الموت وفقدان السيطرة واختيار الورثة حساس للغاية وسهل التجنب.
وفي الشرق الأوسط تحديداً، تزداد الحاجة إلى التخطيط بما أنّ العائلات قد تكون كبيرة إذ أنّ الخبرة والمنطق يمليان أنّه مع ارتفاع عدد الأشخاص المعنيين مع كل جيل متعاقب، يزداد أيضاً احتمال سوء التواصل وسوء الفهم. وتزايدت في السنوات الأخيرة الصراعات العائلية المرتبطة بمسائل التعاقب.[1]
حتى في غياب التوترات الشخصية، فإنّ قانون الميراث الشرعي يعني أنه من دون الحذر يُمكن أن تصبح الثروات مجزأة واتخاذ القرارات معقداً. نذكر على سبيل المثال فيلا كبيرة في فرنسا يمتلكها خمسون مستفيداً، قد تصبح الفيلا في حالة من التردي والإهمال نتيجة لذلك.[2]
بالنسبة للعائلات التي نشأت ثرواتها من قبل الجيل الأكبر الذي لا يزال على قيد الحياة، كما هو شائع في الشرق الأوسط، ستكون تحديات التعاقب جديدة تماماً. كيف يمكنهم إذاً الاستعداد؟
ما هو التخطيط الجيّد
الكثير من الخطوات المناسبة لضمان الانتقال السلس تنطبق على العائلات في جميع أنحاء العالم، وهي موثقة بشكلٍ جيّد. تضمن هذه الخطوات النظر في الأسئلة التالية في الوقت المناسب:
من سيحصل على ماذا؟ (تخصيص الاستثمارات، والمعاشات التقاعدية والتأمين على الحياة، والمدخرات، والأعمال التجارية، والعقارات للأفراد)
ما الذي ينبغي استخدام المال لأجله؟ (لأسباب خيرية والقيود المفروضة على الوصول حسب العمر على سبيل المثال)
كيف يمكن الحفاظ على الثروة مع مرور الزمن؟ (كالاستثمارات غير الحكيمة والضرائب غير المتوقعة)
هل هناك حاجة إلى هيكليّة لتسهيل الأهداف طويلة الأمد؟ (كصندوق استئماني أو شركة أو مؤسّسة خيرية)
يمكن أن يساعد الاعتماد الرسمي لخطة شاملة تعالج النقاط المذكورة أعلاه في تجنب كلّ من النزاعات والخيبة والتبديد، هي التي تسبب بفقدان الكثير من الثروات العائلية. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يتخذ رأس أو رؤوس العائلة خطواتٍ لإعداد وتثقيف الجيل التالي الذي ينبغي أن يتولى دور القيادة في النهاية.
في دراستنا التقنية المنفصلة، إدارة الثروات عبر الأجيال، نتطرّق إلى هذه الخطوات بمزيد من التفاصيل.
الحاجة إلى المعرفة المحلية
بدأت عائلات كثيرة في الشرق الأوسط بمعالجة التعقيد المتزايد لوضعها المالي عبر إضفاء الطابع المهني على نهجها في إدارة الثروات. وغالباً ما يعني ذلك تبني هيكليّة مؤسّسية بالإضافة إلى الحصول على المشورة وتوظيف أفراد من خارج العائلة لخبراتهم.
تمتلك الكثير من المؤسسات في المملكة المتحدة والولايات المتحدة خبرةً في دعم الأعمال التجارية متعددة الأجيال في مرحلة الانتقال، وُتقدّم المشورة حول مسائل كالتمويل الخارجي والحوكمة وحماية الأصول. قد تكون هذه الخبرة الدولية ذات أهمية كبيرة حيث إنّ العائلات في الشرق الأوسط تتجه بشكلٍ متزايد نحو العولمة ويجب أن تتعامل مع المسائل العابرة للحدود.
من المهمّ جداً معرفة القوانين (مثل تلك التي تُعنى بالشفافية) والسياق القانوني للشريعة (مثل كيفية تنفيذ الهيكليات المحلية لصناديق الاستئمان / المؤسسة الخيرية بفعالية). هذا أمرٌ صعب على الخبراء الخارجيين لأنّ الكثير من الهيكليّات التنظيمية والسوابق لا تزال قيد الإنشاء مقارنة بالمناطق الأخرى (كأوروبا).
بنفس الأهمية ، قد يلعب فهم الأعراف الاجتماعية (مثل ما يُعنى بالآداب بين الأجيال) دوراً محورياً في تحديد التوترات المحتملة وكيفية حلّها. ليس من السهل اكتساب هذه المعرفة من الخارج، خاصةً لأنها هي الأخرى تتغير باستمرار.
الخلاصة
حل مشاكل تعاقب الورثة، حتى لو تم في الوقت المناسب وبالعناية الواجبة، هو عملية صعبة وحساسة وسيبقى كذلك دائماً. تواجه العائلات في جميع أنحاء الشرق الأوسط هذا التحدي بشكلٍ متزايد من خلال تبني نهج أكثر رسمية بمساعدة مستشارين خارجيين.
كلّ عائلة فريدة من نوعها ، ولا تكفي محاولة نسخ ما نجح في مكانٍ آخر أو وقتٍ سابق أو مع شخصٍ آخر. بدلاً من ذلك ، ينبغي على العائلات التأكد من الوصول إلى خطة تناسب أهدافها وثقافتها وبيئتها القانونية، لزيادة فرص النجاح.