ومنذ ذلك الحين، ارتفع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 9,1% مقارنةً بنفس الفترة في العام السابق بأعلى زيادة منذ 1981.[2]
بدأت الأسواق بتسعير زيادة 1% في الفوائد قبيل الاجتماع المقبل للاحتياطي الفدرالي،[3] بحركة غير مسبوقة قد تُدخل الولايات المتحدة في الركود.
تحث إدارة بايدن على الهدوء وتُطمئن الأمريكيّين بأنّ الوضع قابل للاحتواء[4]. لكن هل ينبغي أن يقلق المستثمرون؟
ماذا خلف الأرقام؟
مؤشر أسعار المستهلك هو المقياس الأكثر شيوعاً لنموّ الأسعار، ويقيس حركة أسعار مجموعة من السلع والخدمات (كالغذاء والسفر والإيجارات) تُشكّل إنفاقا نموذجيا لأُسرة مستهلك من سكان المدن. يستثني المؤشر الأساسي لأسعار المستهلك كلّ من الغذاء والطاقة اللذَين يُعتبران أكثر تقلباً.
ارتفعت أسعار الوقود بنسبة 11% في يونيو وحوالي 60% مقارنةً بنفس الفترة في العام السابق، ويعود ذلك بدرجة كبيرة إلى المشاكل العالمية غير المرتبطة بالاقتصاد الأمريكي. ارتفعت التكاليف أيضاً لفئات أخرى كالإيجارات والعناية بالأسنان.[5]
ساهم أيضاً بزيادة الأسعار كلّ من مشاكل سلاسل الإمداد وارتفاع الطلب على السلع والخدمات بعد كورونا والإنفاق للتحفيز خلال كورونا.
التضخم الخارج عن السيطرة يحثّ العمال على طلب أجور أعلى ما يدفع أصحاب العمل إلى الاستمرار برفع الأسعار بغض النظر عن أسس العرض والطلب. في غضون ذلك ومع تآكل قدرة المستهلكين الشرائية من التضخم، تتراجع ثقة المستهلك وإنفاقه ما يؤدي إلى تراجع النشاط الاقتصادي.
دروس من التاريخ
سبق أن ارتفع التضخم الأمريكي بدرجة كبيرة في فترة ما بعد الحرب وأوائل سبعينات وثمانينات القرن الماضي. المرة الأخيرة التي كُبح بها سرعة التضخم بالسياسات النقدية كانت خلال ما يُسمى بـ"عهد فولكر".
استلم بول فولكر رئاسة الاحتياطي الفدرالي في 1979 عندما وصل التضخم الكلي إلى 9%.
اتّبع استراتيجية قاسية للتشديد المستمرّ في إمداد المال وزيادة أسعار الفائدة (التي ارتفعت إلى 19,5% في 1980). نجحت الاستراتيجية وتمّت السيطرة على التضخم بحلول نهاية العقد واستمرّ السوق الصاعد الجديد لمدة 18 عام.[6]
عانى الاقتصاد الأمريكي من ظروف صعبة خلال هذه الفترة. واستمرّ التضخم بالارتفاع رغم تدابير فولكر ووصل في ذروته إلى 14,8% في 1981. وتلا ذلك فترتَي ركود قصيرتَين لكن حادتَين.
يتمنى جيروم باول استعادة ثبات السعر دون حملة تشبه إجراءات فولكر وتبعاتها الاقتصادية.
العودة إلى اليوم
اقترح منشور صدر مؤخراً للاري سامرز، وزير سابق للخزينة الأمريكية، ومجموعة اقتصاديّين أنّنا قد نكون أقرب ممّا نعتقد من ذروة التضخم التي شهدناها في حقبة فولكر.
تغيّرت منهجية احتساب مؤشر أسعار المستهلك منذ ثمانينات القرن الماضي. مثلاً، لم نعد نحتسب تكلفة امتلاك منزل. ووفقاً لهذا التغيير، لبلغت ذروة 1981 إلى 11,4% بدل 14,8%.[7]
المصدر: المكتب القومي الأمريكي للأبحاث الاقتصادية ("NBER")
وكما يحتسب اليوم أيضا، كانت حتّى سياسة فولكر القاسية لتخفض التضخم الأساسي بنسبة حوالي 4,8% وليس 10,6%. ويوحي ذلك أنّ الاحتياطي الفدرالي قد يحتاج إلى النظر في تدابير أكثر تقشفاً لخفض التضخم الأساسي من 5,9% إلى نسبة 1% أقرب للسيطرة.
الخاتمة
أظهر تقرير لاري سامرز كيف يمكن استخدام البيانات التاريخية لإصدار توقعات تختلف اختلافا شاسعا. بغض النظر عن السوابق التاريخية، لا بد أن تؤثر أيّ خطوات جذرية من قبل الاحتياطي الفدرالي على طلب المستهلك الأمريكي والوظائف وأسواق الأسهم.
هل أنتم مهتمّون بالتعمّق أكثر في هذا الموضوع؟ اكتشفوا كيفيّة كبح التضخّم عبر الاستثمار وتعرّفوا على تأثير التضخّم على عوائد المعاشات التقاعديّة.