تُعدّ هذه الصفقة الأكبر من نوعها في التاريخ، إذ بلغت قيمتها 55 مليار دولار، مُتفوّقة بذلك على شراء شركة TXU في عام 2007 بقيمة 45 مليار دولار.[2] ولكن بينما تركّز العناوين الرئيسيّة على حجم الصفقة، تكمن الأهميّة الحقيقيّة للمستثمرين في التفاصيل. وهذا ما نعتزم استكشافه في هذا المقال.
لماذا شركة Electronic Arts؟ ولماذا الآن؟
قد يبدو أنّ التحالف الذي يشتري الشركة اتّخذ خطوةً جريئة. يُمثّل سعر السهم البالغ 210 دولار علاوةً بنسبة 25% مقارنةً بقيمة السهم قبل تردُّد الإشاعات عن أنّ الصفقة على وشك أن تُبرم.[3] كما أنّ عنصر الدين في الصفقة كبير أيضاً، حيث يبلغ 20 مليار دولار.[4]
لفهم المنطق وراء هذه الصفقة، علينا أن نفهم التحديات التي تواجهها الشركة حاليّاً.
كانت المبيعات ثابتةً نسبيّاً لبضع سنوات، ما يعكس الاستقرار العام الذي شهده سوق الألعاب بعد جائحة كورونا.[5] على مدار الخمس سنوات الماضية، نمت الشركة بحوالي ربع نموّ السوق ككلّ. وفي وقتٍ سابق من هذا العام، تسبّبت المشاكل المُتعلّقة بأعمالها في مجال كرة القدم العالميّة بانخفاض سعر سهمها بنسبة 16,7% في يوم واحد.[6]
تجعل هذه الظروف من الصفقة الخاصّة (مع المستثمرين المناسبين) خياراً منطقيّاً وجذاباً للغاية. فما السبب؟
المنظور الخاصّ
بينما قد ترى وول ستريت أنّ الشركة مُضطربة وأداءها ضعيف وتعاني من تصحيح في الطلب ما بعد الجائحة، يرى التحالف المشتري بقيادة شركة الأسهم الخاصّة المُخضرمة Silver Lake فرصةً وإمكانيّةً للنموّ.
تتمثّل هذه الرؤية في أنّ السوق العامّ الموجّه نحو الأجل القصير يُعاقب Electronic Arts على أخطاء الماضي، بينما يُسعّر الإمكانات المستقبليّة للشركة بشكل مُنخفض إذا انحلّت هذه المشاكل.
لا يشير حلّ هذه المشاكل إلى مجرّد موجة من خفض التكاليف، بل إلى مبادرات إستراتيجيّة طموحة تمتدّ على سنوات متعدّدة، مثل تعزيز قيمة محفظة Electronic Arts الحاليّة التي تشمل EA Sports FC وMadden NFL وApex Legends، وقاعدة لاعبين عالميّة تضمّ حوالي 700 مليون شخص.[7]
تقدّم هيكليّة الملكيّة الخاصّة منصّة انطلاق مثاليّة لهذا التحوّل، للأسباب التالية:
النظرة طويلة الأجل: ستستغرق إعادة هيكلة الشركة بشكل حقيقي سنوات، وربما عقد من الزمن، بينما تجد الأسواق العامّة صعوبةً في النظر إلى ما هو أبعد من المكالمة القادمة للأرباح. يمكن للفريق الخاصّ تخصيص الوقت الكافي للتخطيط للتغيير الجذري وتنفيذه.
الابتعاد عن الأضواء: تعمل الشركات العامّة بموجب القانون تحت مستوى أعلى من التدقيق مقارنة بالشركات الخاصّة، ما يجعل من الصعب تنفيذ المبادرات الطموحة من دون لفت انتباه المنافسين، أو أن يتعرّض فريق الإدارة لضغوط خارجيّة لتقديم نتائج أسرع.
وحدة الحوافز: غالباً ما تمتلك الشركات العامّة الكبيرة قواعداً مُجزّأةً للمساهمين ذات جداول زمنيّة وحوافز وآراء مُتعارضة، بينما يمكن للفرق الصغيرة الخاصّة أن تضع إستراتيجيّة مُتماسكة وتعمل معاً على تنفيذها.
من منظور المستثمرين، تُعدّ هذه أيضاً مزايا بطبيعة الحال. على المستوى الشخصي، تتيح الطبيعة طويلة الأجل للاستثمار نفسه الحماية من التوجّهات قصيرة الأجل والضغوط النفسيّة الناتجة عن السوق المتقلّب باستمرار.
والأهمّ من ذلك، أنّها تتيح تركيزاً واضحاً، فمع فريق استثمار مستمرّ ومميّز يتولّى العمليّة، يصبح من الممكن "الرهان على الفارس، وليس الحصان فحسب". على سبيل المثال، تتمتّع Silver Lake بسجل حافل يمكن التحقّق منه في تحسين شركات التكنولوجيا (Dell[8] وSkype[9] وAvago[10]) قبل بيعها أو إجراء طرح عام أوّلي لها.
الخلاصة
إنّ التوقعات بشأن الاقتصاد العالمي، وبالتالي بشأن أسواق رأس المال، هي غير مؤكّدة.
هناك احتمال غير معدوم أنّ النموّ المستقبلي قد لا يتناسب مع العوائد مزدوجة الرقم التي شهدها في العقدين الماضيين. في مثل هذا البيئة، قد يؤدّي اتّباع السوق إلى نتائج مخيّبة للآمال، أو حتى إلى الفشل في تحقيق الأهداف الماليّة المهمّة.
استهداف "الألفا" هو حلّ مُحتمل، ولكن من المعروف أنّ تحقيقه صعب في الأسواق العامّة، سواء كانت صاعدة أم هابطة، بسبب كمّيّة المعلومات العامّة والتدقيق. تقدّم الصفقات المُختارة بعناية والتي تديرها فرق مفحوصة بدقّة وتتمتّع بخبرة مساراً واقعيّاً للتفوّق.
المسألة الوحيدة المُتبقّية هي إمكانيّة الوصول إلى مثل هذه الفرق الاستثماريّة في المقام الأوّل، وهو ما نساعد عملاءنا عليه، إذ عمِلنا مع صانعي الصفقات يتمتّعون بالخبرة مثل Silver Lake على مدار سنوات لتقديم فرص من الدرجة المؤسّسيّة للمستثمرين الأفراد.
"الأوقات الجيّدة" و"الأوقات السيّئة" هي مجرّد مسألة وجهة نظر. مع العقليّة الصحيحة (والخبرة)، تكون الفرص وفيرة دائماً في أيّ سوق.