ما هو التخصيص الاستراتيجي للأصول؟
يُعد تخصيص الأصول الاستراتيجي أسلوباً منظّماً لتخصيص الاستثمارات عبر فئات الأصول المختلفة كالأسهم وأدوات الدخل الثابت والاستثمارات البديلة، وفقاً لأهداف المستثمر طويلة الأجل وقدرته على تحمّل المخاطر وأفقه الزمني. وعلى عكس التخصيص التكتيكي الذي يتفاعل مع تحرّكات السوق قصيرة الأجل، يتميّز التخصيص الاستراتيجي بالثبات والاستمرارية، ما يجعله قادراً على توفير الاستقرار خلال الدورات الاقتصادية المختلفة.
يساهم هذا النهج طويل الأجل في الحدّ من التعرّض المفرط لأي عامل من عوامل المخاطر، ويمنح المستثمرين فرصة الاستفادة من مصادر متنوّعة للعوائد، ما يقلّل من تقلبات المحفظة ويدعم الأداء المستقر على المدى الطويل.
هل حان وقت إعادة النظر في محفظة 60/40؟
لطالما اعتُبرت محفظة 60/40، التي تخصّص 60% من الأصول للأسهم العامة و40% للسندات، نهجاً متوازناً من حيث المخاطر والعوائد. لكنّ دورات السوق الأخيرة كشفت عن محدودية هذا النموذج. ففي عام 2022، تراجعت الأسهم والسندات معاً، ما شكّل تحدّياً كبيراً للاعتقاد السائد بأنّ أدوات الدخل الثابت تشكّل حاجزاً دفاعياً موثوقاً عند انخفاض أسواق الأسهم.[1]
ومع ارتفاع أسعار الفائدة من مستوياتها المتدنية تاريخياً واستمرار الضغوط التضخمية، لم تعد أدوات الدخل الثابت التقليدية قادرة على توفير مستوى الحماية نفسه، ما دفع عدداً متزايداً من المستثمرين إلى إعادة النظر في استراتيجيات التخصيص واستكشاف مصادر بديلة للتنويع والعوائد.
أهمية الأسواق الخاصّة
تلعب الأسواق الخاصّة، التي تشمل الأسهم الخاصّة والائتمان الخاصّ والعقارات والبنية التحتية، دوراً متنامياً في تخصيص الأصول الحديث. ويكون ترابط هذه الاستثمارات منخفض مقارنةً بالأسواق العامة، ما يتيح إمكانيات لتحقيق عوائد أكثر استقراراً على المدى الطويل.
وبحسب تقرير الأسواق لعام 2024 من Hamilton Lane، تبيّن أنّ التعرض المنتظم للأسواق الخاصة يُعزّز أداء المحافظ الاستثمارية على المدى الطويل بفضل تأثير مراكمة العوائد وإعادة استثمار التوزيعات الناتجة عن الأصول الخاصة.[2] كما أظهرت دراسة صادرة عن شركة McKinsey أنّ كبار المستثمرين المؤسّسيّين يخصّصون في المتوسط 25% من محافظهم للأسواق الخاصّة، وهو تحوّل لافت يدفعه السعي إلى الحدّ من التقلّبات والاستفادة من فرص خلق القيمة طويلة الأجل.[3]
وعلى عكس الأوراق المالية المتداولة يومياً، تتّسم الاستثمارات في الأسواق الخاصّة بطابعها طويل الأجل، حيث عادة ما يُحتفظ برأس المال المستثمر لعدّة سنوات. ورغم أنّ عدم السيولة قد يُنظر إليها كعامل سلبي، إلّا أنّها تُساهم في الواقع في ما يُعرف بـ"علاوة عدم السيولة"، أي العائد الإضافي الذي قد يحقّقه المستثمر مقابل التخلّي عن الوصول إلى رأس المال في مدة قصيرة.
اختيار الشريك المناسب
رغم ما توفّره الأسواق الخاصّة من مزايا، إلّا أنّ الوصول إلى فرصها ليس بالأمر السهل دائماً، إذ تتطلّب رؤوس أموال كبيرة وإجراءات معمّقة لبذل العناية الواجبة والقدرة على تقييم هيكليّات استثمارية معقّدة. وهنا تبرز أهمية التعاون مع مستشار استثماري موثوق.
فمدير الثروات المتمرّس قادر على تسهيل الوصول إلى الأسواق الخاصّة من خلال تحديد الفرص عالية الجودة وإدارة المخاطر عبر مختلف القطاعات والمناطق الجغرافية وموافقة الاستثمارات مع أهداف كلّ مستثمر وأُفقه الزمني. والأهمّ من ذلك، أنّه يطبّق معايير مؤسسية مماثلة لتلك التي تعتمدها كبرى المؤسسات الاستثمارية عالمياً، ولكن ضمن محافظ مُصمّمة خصيصاً للأفراد والعائلات.
كلمة أخيرة
لا يقوم التخصيص الاستراتيجي للأصول على التنبؤ بالأصل الأفضل أداءً، بل على بناء محفظة قادرة على الصمود أمام تقلبات السوق مع الحفاظ على التوافق مع الأهداف المالية طويلة الأجل. وفي عالم تتعرّض فيه فاعلية النماذج التقليدية للاختبار، أصبح إدراج الأسواق الخاصّة ضمن نهجٍ متنوّع يشمل فئات أصول أوسع أكثر من مجرد خيار، بل أصبح ضرورة.
في The Family Office، نعتمد على أكثر من 20 عاماً من الخبرة عبر دورات السوق لبناء محافظ استثمارية مرنة لعملائنا. ومن خلال الجمع بين التخصيص الاستراتيجي للأصول وإتاحة الوصول إلى فرص الأسواق الخاصّة التي كانت سابقاً محصورة بالمستثمرين المؤسسيّين، نساعد الأفراد والعائلات في مختلف أنحاء الخليج على الاستثمار بثقة. ويُعدّ هذا النهج أكثر قدرة على مواجهة تقلبات السوق المستمرة.
