فهم الأساسيّات: الوصيّة مقابل الصندوق الائتماني
قبل الاختيار بين الوصيّة أو الصندوق الائتماني، من الضروري فهم وظيفة كلٍّ منهما.
الوصيّة: الوصيّة هي مستند قانوني يوضّح رغباتكم بشأن توزيع أصولكم ورعاية الأطفال القاصرين وتعيين المنفّذ المكلّف بإدارة تركتكم بعد وفاتكم، وتُستخدم عادةً في التخطيط البسيط للتركة وهي خيار شائع للأشخاص الذين يمتلكون تركات غير معقّدة نسبيّاً.
الصندوق الائتماني: الصندوق الائتماني هو ترتيب ائتماني يتولّى فيه الوصيّ الاحتفاظ بالأصول نيابةً عن مستفيد واحد أو أكثر، ويمكن هيكلته بطرق مختلفة تتيح مرونة وتحكّماً أكبر في طريقة توزيع الأصول وتوقيته. كما أنّ بعض أنواع الصناديق الائتمانيّة، مثل الصناديق الائتمانية الحيّة، يمكن أن تصبح سارية المفعول خلال حياتكم وتستمرّ بعد وفاتكم.
الفروقات الرئيسيّة بين الوصايا والصناديق الائتمانيّة
بينما تُستخدم كلّ من الوصايا والصناديق الائتمانيّة لإدارة الأصول وتوزيعها، إلّا أنّ هناك اختلافات كثيرة رئيسيّة بينهما:
حصر الإرث: تمرّ الوصايا عادةً بحصر الإرث، وهي عمليّة تشرف عليها المحكمة، تكون عامّة وقد يستغرق إتمامها أشهراً أو حتّى سنوات، بينما تتجاوز الصناديق الائتمانيّة هذه العمليّة عادةً، ممّا يتيح توزيع أسرع وخاصّاً أكثر للأصول.
تاريخ السريان: تصبح الوصيّة سارية المفعول بعد الوفاة، بينما يمكن لبعض الصناديق الائتمانيّة، وخصوصاً الصندوق الائتماني الحيّ، أن يكون ساري المفعول خلال حياتكم، ما يعني أنّ بإمكانه إدارة الأصول في حال فقدان الأهليّة وبعد الوفاة.
الخصوصيّة: بما أنّ الوصيّة تخضع لحصر الإرث، تصبح تفاصيلها متاحة للعامّة. أمّا الصناديق الائتمانيّة فهي مستندات خاصّة ولا تُصبح جزءاً من السجلات العامّة.
التحكّم: تتيح الصناديق الائتمانيّة تحكّماً أكبر في طريقة توزيع الأصول وتوقيته. على سبيل المثال، غالباً ما تؤدّي الوصايا إلى توزيع مبلغ إجمالي بعد حصر الإرث.
التعقيد والتكلفة: تُعدّ الوصايا أبسط وأقلّ تكلفة في الإنشاء مقارنة بالصناديق الائتمانيّة التي قد تكون أكثر تعقيداً وتستلزم تكاليف أوّليّة أعلى.
الضرائب: قد تساعد بعض أنواع الصناديق الائتمانيّة على التخفيف من ضرائب التركات، ممّا يحافظ على قيمة الأصول لصالح المستفيدين.
منظور الشريعة الإسلاميّة: الوصايا والصناديق الائتمانيّة في الشرق الأوسط
بالنسبة إلى الأفراد المقيمين في دول الشرق الأوسط أو الراغبين بالتأكّد من الامتثال للمبادئ الإسلاميّة، من الضروري مراعاة كيفيّة تأثير الشريعة الإسلاميّة على التخطيط للإرث:
الوصايا المتوافقة مع الشريعة الإسلاميّة: وفقاً للشريعة الإسلاميّة، يمكن للفرد أن يوصي بما لا يزيد عن ثلث تركته لغير الورثة أو للأغراض الخيريّة، أمّا الثلثان الباقيان فيجب توزيعهما على الورثة المحدّدين وفقاً لقواعد الفرائض. وهذا يعني أنّ حرّيّة الفرد في توزيع أصوله محدودة، على عكس الأنظمة الغربيّة، ويجب أن تلتزم أيّ وصيّة بهذه القيود لتكون صالحة وفق الشريعة الإسلاميّة.
الصناديق الائتمانيّة (الوقف): المكافئ الإسلامي للصندوق الائتماني هو الوقف. يتيح الوقف للأفراد تخصيص الأصول لأغراض دينيّة أو خيريّة أو عائليّة. ورغم تشابهه مع الصندوق الائتماني، إلّا أنّ عادةً ما يكون الوقف غير قابل للإلغاء ويجب أن يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلاميّة، كما أنّه يُستخدم على نطاق واسع في العالم الإسلامي للأوقاف الدينيّة والأعمال الخيريّة وأحياناً لتقديم الدعم لأفراد العائلة ضمن قيود الفرائض.
حصر الإرث والمحاكم: تُعالج محاكم الشريعة الإسلاميّة أو السلطات المعينّة التي تطبّق الشريعة الإسلامية بدقّة مسائل الإرث في الكثير من دول الشرق الأوسط. وقد تختلف عمليّة حصر الإرث في هذه المناطق عن نظيراتها في الدول الغربيّة، كما قد تختلف اعتبارات الخصوصيّة.
متى قد تكون الوصيّة كافية
قد تكون الوصيّة كافية لتلبية احتياجاتكم في التخطيط للتركة إذا:
كانت تركتكم بسيطةً نسبيّاً
لا تتوقعون حدوث نزاعات أو سوء إدارة للتركة من جهة الورثة
ترغبون بتعيين وصيّ على القاصرين
لا تمانعون أن تمرّ تركتكم بـحصر الإرث وتصبح معلوماتها متاحة للعامّة
لا تمانعون أن تمرّ تركتكم بحصر الإرث قبل التوزيع
تفهمون الالتزام بالقيود الرسميّة التي تفرضها الشريعة الإسلاميّة ومستعدّون لها عند الاقتضاء
تُعتبر الوصايا الخيار الأمثل لأولئك الذين يبحثون عن حلّ فعال من حيث التكلفة وبسيط. ومع ذلك، وفقاً للشريعة الإسلاميّة، يجب أن تلتزم أي وصيّة بالحصص الثابتة وتكون حرّيّة الفرد في توزيع الأصول محدودة.
متى قد يكون الصندوق الائتماني مفيد
قد يكون إنشاء صندوق ائتماني مفيداً إذا:
كانت تركتكم كبيرةً أو تتضمّن أصولاً معقّدة
كنتم تملكون عقارات أو أصول في دول أو ولايات مختلفة وترغبون بتجنّب إجراءات حصر الإرث المتعدّدة
تقدّرون الخصوصيّة وترغبون بالحفاظ على سرّيّة تفاصيل تركتكم والمستفيدين منها
ترغبون بضمان إدارة الأصول بمسؤوليّة خصوصاً للأطفال القاصرين أو الأشخاص ذوي الإعاقة أو المستفيدين الذين قد لا يديرون أموالهم بشكل جيّد
ترغبون بوضع ترتيبات للحالات التي قد تفقدون فيها الأهليّة لضمان إدارة سلسة لأصولكم
ترغبون بتقليل الضرائب على التركة أو تقديم دعم لأغراض خيريّة وفق شروط محدّدة
ترغبون بإنشاء وقف متوافق مع الشريعة الإسلاميّة لدعم الأغراض الخيريّة أو العائليّة
تأتي الصناديق الائتمانيّة بأشكال مختلفة، بما في ذلك تلك المعترف بها وفق الشريعة الإسلاميّة مثل الوقف، ويخدم كلّ نوع أغراض مختلفة ويقدّم منافع فريدة. بالنسبة إلى المسلمين، من الضروري التأكّد من أنّ الصندوق الائتماني أو الوقف مُهيّأ وفقاً لأحكام الشريعة الإسلاميّة.
العوامل التي يجب مراعاتها عند اتّخاذ القرار
عند الاختيار بين الوصيّة أو الصندوق الائتماني، من الضروري طرح الأسئلة التالية على أنفسكم:
هل لديّ أطفال قاصرون أو معالون؟
هل أملك أصولاً كبيرةً أو عقارات في أكثر من دولة؟
هل تهمّني الخصوصيّة وأرغب بتجنّب إجراءات حصر الإرث العلنيّة؟
هل أرغب بتجنّب إضاعة الوقت والتكاليف المُرتبطة بحصر الإرث؟
هل أحتاج إلى التخطيط للحالات التي قد أفقد فيها الأهليّة؟
هل هناك مستفيدون يحتاجون إلى حماية أو إشراف في إدارة الأصول؟
هل أحتاج إلى الامتثال لقوانين الميراث الإسلاميّة أو الأنظمة المحليّة؟
ما هي الآثار القانونيّة والماليّة لكلّ خيار في الدولة التي أقيم فيها؟
إذا كانت ظروفكم تتطلّب الالتزام بالشريعة الإسلاميّة، يُنصح بمراجعة متخصّص ملمّ بالشريعة الإسلاميّة والأنظمة المحليّة.
دور الإرشاد المهني
يمكن أن يكون التخطيط للتركة معقّداً، خاصّة عند تضمين اعتبارات دوليّة أو دينيّة. لذلك، يُنصح بشدّة بمراجعة محامٍ متخصّص في التخطيط للتركة، وخبير في الشريعة الإسلاميّة عند الاقتضاء. يمكن لهؤلاء المتخصّصين:
تقييم ظروفكم وأهدافكم الفرديّة
شرح الآثار القانونيّة والدينيّة لخياراتكم
صياغة مستندات قانونيّة صالحة تتوافق مع جميع القوانين المعمول بها
تقديم المشورة بشأن تحديث خطة التركة مع تغيّر ظروف حياتكم
الخرافات الشائعة حول الوصايا والصناديق الائتمانيّة
الخرافة: يحتاج الأثرياء وحدهم إلى صندوق ائتماني أو وقف.
الحقيقة: يمكن أن تفيد هذه الأدوات أي شخص يهتمّ بالخصوصيّة أو بالتحكّم في توزيع الأصول أو بالامتثال الديني.الخرافة: تتجنّب الوصيّة حصر الإرث أو محكمة الشريعة الإسلاميّة.
الحقيقة: غالباً ما تتطلّب الوصايا المرور بإجراءات حصر الإرث أو مراجعة محكمة الشريعة الإسلاميّة، خاصّة في الشرق الأوسط.الخرافة: تفقدون السيطرة على أصولكم إذا أنشأتم صندوقاً ائتمانيّاً أو وقف.
الحقيقة: يمكنكم الاحتفاظ بالتحكّم في أصولكم مع الهيكلة الصحيحة، كما يمكن للوقف أن يتيح منافع طويلة الأجل للأغراض الخيريّة أو العائليّة.
اتّخاذ القرار المناسب لكم
يتطلّب الاختيار بين الوصيّة والصندوق الائتماني دراسةً متأنّيةً لأصولكم وهيكليّة عائلتكم والتزاماتكم الدينيّة والبيئة القانونيّة المحيطة بكم. سواء قرّرتم استخدام الوصيّة أو الصندوق الائتماني، فسيحمي الخيار الصحيح إرثكم ويحافظ على رغباتكم ويقدّم لأحبائكم الدعم في هذه الحياة وللأجيال القادمة. إذا كنتم في الشرق الأوسط أو ترغبون بالامتثال للشريعة الإسلاميّة، فمن المهمّ بشكل خاصّ استشارة خبير يمكنه إرشادكم لضمان توافق خطة التركة مع أهدافكم الشخصيّة والدينيّة على حدّ سواء.
للحصول على دعم أكثر تخصيصاً، يُرجى التواصل مع مدير العلاقات المُخصّص لكم لإجراء تقييم شامل لتخطيط الثروة.
