نُلخّص في هذا المقال أبرز النقاط التي تمّ استخلاصها من خطاب لاغارد[1] وكيفيّة تطبيقها على الاستراتيجيّات الاستثماريّة.
الأنماط المتطوّرة
تطرّق خطاب لاغارد بعنوان "صناعة السياسات في زمنٍ تعمّهُ التحوّلات والاضطرابات" إلى التغيّرات الجذريّة في المجتمع والاقتصاد العالمي، وتشمل هذه التغيّرات تحوّل الديناميكيّات الاقتصاديّة والاضطرابات في المعايير الحاليّة:
التحوّل في سوق العمل: يُعيد كلّ من الأتمتة والعمل عن بُعد تشكيل بيئة العمل، ما يجعل ديناميكيّات تحديد الأجور أكثر مرونة وأقلّ قابليّة للتوقّع.[2]
انتقال الطاقة: الانتقال من المصادر التقليديّة للطاقة إلى المصادر المستدامة يتطلّب استثمارات حكوميّة كبيرة ورفع المنافسة على السلع الأساسيّة.[3]
التفتت الجيوسياسيّ: يُتوقّع أن تؤدي إعادة تشكيل قوى العالم من الناحية السياسيّة إلى تحوّل الأنماط التجاريّة ويعيق الإمداد.[4]
تجعل هذه التغيّرات الاقتصاد العالمي أقلّ استقراراً وأكثر عرضةً للصدمات عند بروز ظواهر مربكة كالأوبئة والنزاعات واستحداث الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI).
اقترحت لاغارد وصفة من ثلاثة أجزاء على صانعي السياسات الذين يواجهون عدم اليقين هذا:
1. الوضوح: الحفاظ على أهداف واضحة (كنسبة 2% المستهدفة للتضخم) مع إلتزام ثابت لمقاومة التأثّر بالضغوط قصيرة الأجل.
2. المرونة: تجنّب التفكير بحلّ واحد للجميع والاعتماد المفرط على البيانات التاريخيّة.
3. التواضع: معرفة حدود التخطيط في بيئة عالميّة معقدة ومتقلبة والاستعداد للانحراف عن الأنماط المُتوقّعة.
يؤكّد استنتاج لاغارد على غياب خطّة مسبقة لمواجهة هذا الوضع، ما يستلزم أطراً جديدة للعمل بفعاليّة في هذا العالم الجديد.
التداعيات على المستثمرين
لطالما كانت الأفكار المستندة إلى إطار عمل لاغارد في هذا العصر المتطوّر جزءً لا يتجزّأ من استراتيجيّاتنا الاستثماريّة الموجهة بواسطة البيانات والخبرة تحضيراً لعدم اليقين في المستقبل:
1. الوضوح: حدّدوا أهدافكم الاستثماريّة بوضوح، كمبلغ معيّن للتقاعد ضمن إطار زمنيّ محدّد. يُشكّل ذلك أساساً لتقييم التقدّم طويل الأجل.
2. المرونة: ستحتاج وسائل تحقيق أهدافكم للتعديل عند حدوث تطوّرات في السوق. اعرفوا متى ينبغي تصحيح مسار استراتيجيّتكم، لتجنّب الهلع والتسرّع.
3. التواضع: لا يوجد توقّع معصوم عن الخطأ، فتوقّعوا الانحرافات باستمرار. يعرف الخبراء عندما تفشل الافتراضات الأوليّة ويتّخذون إجراءات تصحيحيّة سريعة للحفاظ على ثروتكم.
الخلاصة
قد تكون آفاق بيئة الاستثمار غير المستقرّة مُحبطةً، لكنّها ليست جديدة تماماً. في الواقع، ربما تتوافر المزيد من الأسباب للتفاؤل في البيئة الحاليّة المتطوّرة. قد تسبب تقلبات السوق ابتعاد النموّ الثابت عن متناول المستثمرين الساكنين، غير أنّ هذه التقلبات تتيح للمستثمرين النشطين فرصة التفوّق على أداء السوق. مع المستشار الماليّ المناسب، يمكنكم الحفاظ على ثروتكم وتنميتها حتى خلال فترات عدم اليقين، من خلال الحفاظ على الانضباط عبر الأهداف الواضحة والتكيّف مع الحالات غير المتوقّعة وإدراك الحاجة إلى تغيير المسار.