كصديقٍ ذو رؤية ثاقبة تعاونت معه مراراً في أيامنا الأولى من التدريس الجامعي في كلية يال ومؤلف كتب "الإدارة الرائدة للمحفظة" (2000) و"النجاح غير التقليدي" (2005)، أستطيع القول بكل تأكيد أن ديفيد قدَّم لعالم المال مبادئ استثمارية عديدة، أوضح عشرة منها فيما يلي:
أهمية تخصيص الأصول: لا يقتصر تخصيص الأصول على (1) التنويع (أي اقتناء أصول غير مرتبطة أو لا ترتبط ارتباطاً وثيقأً ببعضها بعضاً) فحسب، بل يشمل أيضاً (2) إعادة موازنة التركيز في الأصول حينما يصبح تقييم الأصول ذات الجودة باهظاً للغاية أو رخيصاً للغاية وبالتالي تصبح حصة فئات معينة من الأصول من المحفظة الإجمالية عالية جداً أو منخفضة جداً، و(3) إدارة المخاطر، أي الانتباه إلى مخاطر الاستثمارات وعوائدها، واتخاذ الخطوات في الوقت الملائم لتفادي هذه المخاطر أو التحوط منها أو تحييدها.
التعلق بالسيولة: سعى ديفيد إلى التركيز على فئات الأصول التي يُتوقع أن تحقق معدلات عائد أعلى على المدى الطويل مقابل التخلي عن معظم سيولتها على الأجل القصير والمتوسط، المبدأ الذي استوحاه جزئياً من مشرفين على أطروحته للدكتوراه، وهما الأساتذة بجامعة يال جيمس توبين (1918-2002) وويليم س. برينارد (ولد في 1935) .
كونوا مالكين لا دائنين: تحت إدارة ديفيد، مال صندوق أوقاف يال إلى تجنب فئات الأصول المتوقع أن تكون عوائدها منخفضة من الدخل الثابت وسوق المال قصير الأجل، لصالح تلك المتوقع أن تكون عوائدها مرتفعة من الأسهم الأمريكية وغيرها، خصوصاً في الاستثمارات البديلة.
اتبعوا نهجاً حكيماً في التنويع: إحدى الطرق التي فضلها ديفيد (وهناك عدة طرق، لكل منها مزاياها وعيوبها) تقسم فيها المحفظة إلى ما يقارب خمسة أقسام أو ستة، واستثمار مبالغ متساوية تقريباً في كل منها.
الانضباط: بعد تكريس ما يكفي من الوقت والموارد لصياغة فلسفة واستراتيجية وتكتيكات استثمارية (وهي أمور أشار إلى ضرورتها)، رأى ديفيد أنه من المهم عدم الانحراف عن الخطط المدروسة استجابة لتقلبات الأحوال الاقتصادية وظروف أسواق المال.
التقصي العميق والابتكار في البحث: قبل اتخاذه قراراً بالاستثمار وحتى بعد قيامه باستثمار ما، كان ديفيد يلتزم بإجراء الكثير من الأبحاث الاستثمارية الكمية والنوعية متعددة النقاط ليتمكّن من تكوين رؤية حقيقية عن الاستثمار المقترح ودرجة عدم اليقين فيه وموقفه التنافسي وأفقه الزمني وإمكانيته للصعود واستراتيجية الخروج منه وأسوأ السيناريوهات الخاصة به.
الحسم والعزم: لحرصه الدائم على التوازن بين المرونة وقناعاته، كان ديفيد يقدر الجاهزية والموارد التي تتيح لأصحابها اغتنام الفرص التي تنشأ عن اضطرابات قصيرة الأجل في الأسعار، والتي كانت تنحرف بمقدار 2 إلى 3 انحرافات معيارية أو أكثر عن الوضع الطبيعي. ومن الأمثلة التي يُستشهد بها على نطاق واسع دعوة ديفيد لعقد جلسة للجنة الاستثمار بجامعة يال لزيادة تعرض وقف الجامعة للأسهم الأمريكية فور انهيار السوق وتراجع مؤشر ستاندرد أند بورز 500 إلى -20,4% يوم الاثنين 19 أكتوبر 1987.
أهمية اختيار مدير الأصول: في ظل تشديده الدائم على اتساع الفارق بين أداء مديري الأصول البديلة، كالأسهم الخاصة والائتمان الخاص ورأس المال المجازف وصناديق التحوط والعقارات، من الربع الأعلى والربع الثالث، كان ديفيد يكرس موارد هائلة للتدقيق والمطابقة وإعادة التحقق وجمع المعلومات والآراء عن مديري الاستثمار إلى تفاصيل قد تبدو ضئيلة الأهمية. وكان ديفيد يشدد أيضاً بشكل متكرر على صعوبة تكوين شبكة مدروسة من المراجع المميزة الموثوق بها للمستثمرين العاديين لتجعلهم في وضعية تتيح لهم تقييم المهارة الحقيقية لمدير الأصول.
اعتماد منظور واسع ومنظور محدد: أَولى ديفيد أهمية كبرى لفهم البيئة الاقتصادية والمالية والاجتماعية والسياسية والجيوسياسية، حتى عند اتباع مقولة وارن بافيت الشهيرة "ابقوا في دائرة اختصاصكم".
لا تنسوا غايتكم النهائية: كان ديفيد فخوراً للغاية بأن جهوده تدعم في نهاية المطاف تعليم الجيل القادم. ومع أنه كان دائماً نموذجاً في التواضع، فقد كان ديفيد يشجع النزعة الإنسانية العميقة لدى من يوجه ويرشد، مصرحاً في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز في 2007: "يعتقد الناس أن العمل في غير ما يجمع أكبر قدر ممكن من المال مفهوم غريب، لكنه يبدو مفهوماً طبيعياً تماماً بنظري."
إعادة لصياغة عبارة لاتينية تتكرر في حرم جامعة يال: "فلورويت ديفيد سوينسن وفلورييت ديفيد سوينسن"، نقول: "نجح ديفيد سوينسن، وعساه أن يظل ناجحاً إلى الأبد!"
* ديفيد إم. دارست، محلل مالي معتمد، هو كبير المستشارين وكبير المخططين لدى The Family Office وPetiole Asset Management AG، التي شغل بها منصب الرئيس التنفيذي حتى أبريل 2020.