للوهلة الأولى، نجد أنّ مطالب نقابة عمال السيارات المتحدون ليست جديدة: زيادة الأجور وتحسين ساعات العمل وزيادة الاستحقاقات. غير أنّنا إذا أمعنّا النظر نرى أنّ العالم تغيّر بشكلٍ جذريّ منذ الجائحة. يتناول هذا المقال تداعيات هذه البيئة الجديدة على المستثمرين.
النظام الجديد للسوق
وضعت BlackRock مؤخراً إطاراً للبحث عن فرص في "النظام الجديد للسوق".[1]
يتميّز النظام الجديد باستمرار ضغط التكاليف وسط قيودٍ على العرض: تراجُع عدد العمّال في مجتمعات ترتفع فيها أعمار السكّان، وتراجُع الكفاءة التجاريّة بسبب سلاسل الإمداد المجزّأة، وارتفاع تكاليف الطاقة في اقتصاد انبعاثات الكربون المنخفضة.
تؤشّر ضغوطات التكاليف التضخميّة المجتمعة إلى ارتفاع أسعار الفائدة لفترةٍ أطول، إذ تحاول البنوك المركزيّة كبح التضخّم. كما يؤدّي ارتفاع أسعار الفائدة إلى المزيد من التقلّب في الأسواق والمزيد من التباين في الأداء بين الأسهم والقطاعات.
يظهر الرسم البياني أدناه أنّه من غير المرجّح أن يتبع أداء الأوراق الماليّة الفرديّة أداء مؤشر Russell 1000.[2]
المصدر: BlackRock
التداعيات على المستثمرين
يؤثّر ما ذُكر أعلاه بشكلٍ متباين على المستثمرين الذين يحقّقون ما يُسمّى بعوائد "بيتا" من الاستثمارات في الأسوق بشكلٍ عامّ وعوائد "ألفا" من الاستثمارات الفرديّة التي يتفوّق أداءها على أداء السوق.
للأسف، لم يعد بالإمكان تحقيق عوائد قويّة وثابتة عبر الاستثمار في فئات الأصول أو المؤشرات بشكلٍ عامّ. فارتفاع أسعار الفائدة يقلّل العوائد ويزيد التقلّبات، ما يجعل الأسواق أقلّ استقراراً.
مع ذلك، يسمح التباين الكبير في الأداء بين الشركات للمستثمرين الحذقين باكتشاف فرص التفوّق.
يظهر الرسم البياني أدناه أنّ أشباه الموصّلات والمعدات تفوّقت من حيث الأداء على قطاع التكنولوجيا عموماً والقطاعات الفرعيّة الأخرى.[3]
المصدر: BlackRock
من دون الترابط الكبير بين الأسهم في كلّ قطاع، يصبح الاختيار خطوة أساسيّة.
النهج الجديد
من المهمّ إدراك ما يُسمّى بـ"القوى الضخمة" الأساسيّة (مصطلح من صياغة BlackRock). تأتي ظواهر مألوفة كإضراب نقابة عمال السيارات المتحدون لتدحض القوّة الضخمة للقوى العاملة التي تتراجع أعدادها والتي تزيد التكاليف على الشركات المصنّعة، خصوصاً مع انخفاض حجم العُمّال المتاحين وسط انحسار العولمة.
أمّا خطّة خفض انبعاثات الكربون، فهي قوّة ضخمة أخرى قد تغيّر المهارات المطلوبة بشكل جذريّ (كالسيارات الكهربائيّة). أيضاً، يقلّل بروز الذكاء الاصطناعي (AI) والروبوتات من الحاجة إلى العمّال التقليديّين.
يُعدّ تحسين أجور العمّال واستحقاقاتهم في قطاع تصنيع السيارات في الولايات المتّحدة حلّاً جزئيّاً فقط. وينبغي على شركات تصنيع السيارات مواجهة تحديات إعادة تأهيل العمّال بمهارات جديدة وتقليص أعدادهم لضمان مستقبلها.[4]
الخلاصة
من المهمّ إدراك التحوّلات الأساسيّة، إلّا أنّ ذلك غير كافٍ. الأهمّ هو اتّخاذ قراراتٍ استثماريّة صلبة، ما يتطلّب خبرةً في مجالاتٍ متعددة. في زمن الأنماط الجديدة والثوابت المتلاشية، يحتاج المستثمر الحكيم إلى مساعدة الخبراء.