نتطرّق في هذا المقال إلى حجم المشكلة وأسبابها، وما يمكن للمستثمرين الأفراد فعله لمعالجتها.
تحت الضغط
أظهر تقريراً صدر هذا العام عن معهد Thinking Ahead Institute أنّ أكبر صناديق التقاعد في العالم شهدت تراجعاً بنسبة 12,9% في 2022، حيث تراجعت الأصول من 23,6 تريليون دولار إلى 20,6 تريليون دولار بحلول نهاية العام.[1]
هذا الانخفاض الذي نتج بدرجة كبيرة عن التراجع المزدوج للسندات والأسهم كان أكبر بكثير من الانخفاض الذي شهدته خلال الأزمة الماليّة العالميّة في 2008. منذ ذلك الحين، تسبّب الاستمرار في رفع أسعار الفائدة بمشاكل للصناديق التي بنت خططها على أساس أسعار فائدة متدنّية ومستقرّة.[2]
كانت معظم الخطط مُمَوَّلة بالكامل في 2000، لكنّها شهدت خسائر منذ ذلك الحين بسبب الإدارة الداخليّة والقرارات الاستثماريّة السيّئة التي تعاظمت مع كلّ أزمة ماليّة متعاقبة.[3]
على الرغم من أنّ العقد الممتدّ من 2010 إلى 2020 شهد أكبر سوق صاعد في التاريخ، إلّا أنّ صناديق التقاعد كانت مموّلة فقط بنسبة 85,5% بحلول نهاية 2021.[4]
لتصحيح ذلك، استجابت الصناديق بتبنّي رفع ماليّ أعلى أو اتّخاذ رهانات أكثر خطورة أو كلاهما.[5] في 2022، قام CalPERS، وهو من أكبر صناديق التقاعد في الولايات المتّحدة، باقتراض الأموال للاستثمار للمرّة الأولى في تاريخه الممتد على 90 عام. في الوقت نفسه، بدأت صناديق كبرى أخرى بالاستثمار في قطاع العملات المشفّرة المتعثّر.[6]
يثير ذلك قلق المراقبين، إذ يزيد من احتماليّة ضعف الأداء بشكل أكبر. في 2019، علّق الاحتياطي الفدرالي في بوسطن قائلاً "إنّ سلوك تقبل المخاطرة يبدو واضحاً بين الصناديق التي يتمتّع مديروها بأقلّ قدرة على تحمّل مخاطر إضافيّة".[7]
تحديّات أعمق
يُتوقّع استمرار البيئة الكلّية المضطربة، كما من المرجّح أن يستمّر التضخّم المرتفع وتقلّبات السوق في السنوات القادمة، مع إعادة توازن النظام الجيوسياسيّ.
لكن، حتى لو كانت البيئة الاقتصاديّة إيجابيّة، فثمّة ضغوطات أساسيّة على الخطط التقاعديّة التقليديّة لم تُعالَج بعد.
ستؤدّي شيخوخة السكان وتراجع معدلات الولادات إلى مساهمات أقلّ في خطط التقاعد في مكان العمل، في الوقت الذي يزداد فيه عدد المتقاعدين. بالإضافة إلى ذلك، يعيش عدد أكبر من الناس حتى سنّ متقدّمة أكثر من أي وقت مضى، ما يعني تقاعد أطول مع متطلبات تمويل أعلى.[8]
إنّ التحوّل من نظام التقاعد ذو المزايا المحددة إلى نظام التقاعد ذو الاشتراكات المحددة يعني أنّه لم يعد هناك دخل مضمون وكافٍ لمدى الحياة لهؤلاء الأفراد، ويقع أولئك الذين يملكون أصولاً بالكاد تكفي تحت رحمة الأسواق.
يُعدّ العمل لفترة أطول طريقةً لمعالجة المشاكل المذكورة أعلاه. ومع ذلك، أظهرت الدراسات أنّ حتى أولئك الذين يرغبون بالعمل لفترة أطول، غالباً ما يتقاعدون قبل الوقت المخطّط له، إمّا بسبب المرض أو الفصل عن العمل أو تغيّر آخر في الظروف كالحاجة إلى العناية بالشريك.[9]
ما الذي يمكن للمستثمرين الأفراد فعله
في حين تواجه استمراريّة الصناديق التقاعديّة المؤسّسيّة بعض التحديات، لا تزال هناك خيارات أمام الأفراد لتأمين مستقبلهم الماليّ.
بدلاً من الاعتماد على صناديق التقاعد، يتحكّم الكثير من الأفراد بشكل أكبر بمستقبلهم وينشئون صناديق إضافيّة خارج الهيكليّة التقليديّة. قد يكون العمل مع مدير محافظ محترف، أو الأفضل من ذلك، مع شركة تتمتّع بالخبرة، طريقةً لتجاوز الاضطرابات التي تجتاح قطاع التقاعد.
لا يقتصر الأمر على إمكانيّة التحكّم بالمستقبل وحسب، بل في السوق الحاليّ، يمكن أيضاً تحقيق عوائد أعلى في الفرص غير العامّة، كالائتمان الخاص والأسهم الخاصة والعقارات. على الرغم من أنّ الوصول إلى صفقات مماثلة وتقييمها يتطلّب خبرةً، إلّا أنّه يتيح وسيلة فعّالة لتأمين محفظتكم في المستقبل.
تتخصّص The Family Office بالاستثمارات في الأسواق الخاصة كوسيلة للتفوّق على أداء الخيارات التقليديّة المتاحة للمستثمرين. مع انتقال العالم إلى المرحلة التالية في الأسواق الماليّة، قد يكون هذا النهج الجديد هو الوضع الطبيعي الجديد.