ما الجديد؟
لا شكّ أنّ أهمّ تطوّر منذ الاجتماع الأخير كان فوز المرشح الجمهوري دونالد ج. ترامب. هذا "الاجتياح الأحمر"، حيث فاز الرئيس في جميع الولايات السبع المتأرجحة والمتنازع عليها، منح الجمهوريّين السيطرة ليس على البيت الأبيض فحسب، بل على الفرعين الرئيسيَّين الآخرين للحكومة أيضاً.[1]
ورغم أن الوقت ما زال مبكراً، من المنطقي التكهّن بأنّ الإدارة المقبلة ستُحدث تغييرات كبيرة وأنّها ستؤثر بشكل غير مباشر على المستثمرين في الداخل والخارج. تشمل السياسات المُعلنة بالفعل فرض تعرفات جمركية مرتفعة على كبار المستوردين، بما في ذلك الصين[2]، والتشدّد في تطبيق سياسة الهجرة.[3] بشكل عام أكثر، يتوقّع الكثيرون تخفيف القيود التنظيميّة[4] وتساهل أكبر في الإنفاق الحكومي[5] في الأشهر والسنوات القادمة.
أشار المعلّقون إلى أنّه إذا تحققت أيّ من هذه التغييرات أو جميعها فسيكون التأثير المُحتمل تضخميّاً[6]، ممّا قد يؤدي إلى تباطؤ السياسة الحاليّة للتيسير النقدي أو توقّفها أو حتّى انعكاسها. مع ذلك، لا شيء مؤكّد إلى أن يتولّى الرئيس منصبه رسميّاً وتُسنّ السياسات.
ما ناقشه الفدرالي
إنّ المحضر المنشور لاجتماع الفدرالي في نوفمبر والذي انعقد مباشرةً بعد نتائج الانتخابات لا يشير مباشرةً إلى فوز ترامب أو تداعياته.[7]
كالعادة، ارتكز محور النقاش على البيانات الاقتصاديّة المتاحة. ورغم أنّ القرار بخفض أسعار الفائدة كان بالإجماع، تشير الملاحظات إلى غياب التوافق حول المسار المستقبلي، وذلك بسبب الطبيعة الغامضة للبيانات.
رغم السياسة النقديّة شديدة التقييد، كان النموّ الاقتصادي قوي.[8] بالإضافة إلى ذلك، انخفض التضخّم ولكنّه لم يختفِ تماماً، حيث أظهر المؤشر الأساسي لأسعار نفقات الاستهلاك الشخصي (Core PCE) وهو المقياس الرئيسي المُستهدف، مساراً جانبيّاً بدلاً من تنازلي، وما زال مرتفعاً مقارنةً بهدفه الذي يبلغ 2,0% (انظروا إلى الرسم البياني أدناه).[9]
من ناحية أخرى، يستغرق تأثير أسعار الفائدة في النظام وقتاً ليظهر ، ما يعني أنّه من المهمّ التركيز على المسار المستقبلي وكذلك النظر إلى الوراء. أظهرت بيانات التوظيف، وهي المهمّة الثانية للفدرالي بالإضافة إلى السيطرة على التضخم، ضعفاً طفيفاً في أكتوبر[10]، ما قد يشير إلى أنّ آثار أسعار الفائدة بدأت تظهر.
أضفى باول طابعاً إيجابيّاً على ما ورد أعلاه خلال المؤتمر الصحفي بعد الاجتماع، فبدلاً من تصوير الوضع على أنه "بين المطرقة والسندان"، كرّر وجهة نظره السابقة بأنّ الفدرالي في وضع مثالي للتحرّك في أيّ اتّجاه مع صدور المزيد من البيانات.[11]
إلى أين نتّجه من هنا؟
إنّ الأرقام الأخيرة للتضخم التي صدرت في 27 نوفمبر وأظهرت ارتفاعاً طفيفاً في تضخم مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي تزيد من التعقيد الذي يواجهه الفدرالي من حيث التوقعات الاقتصادية.
المصدر: مكتب التحليل الاقتصادي
صرّح رئيس الفدرالي جيروم باول في ظهور علني في 14 نوفمبر بأنّه "ليس هناك استعجال" لتخفيض أسعار الفائدة،[12] ما يشير إلى أنّ أفضل تخمين حاليّاً هو انخفاض تدريجي وليس حادّ. وتكهّن بعض المعلّقين بأنّ أسعار الفائدة قد لا تُخفَّض على الإطلاق في 2025 إذا نُفّذت سياسات ترامب كما هو مُقترح.[13]
تفاوتت استجابات الأسواق ولكنّها تعكس حاليّاً احتمالاً بنسبة 71% لتخفيض أسعار الفائدة في ديسمبر.[14]
ماذا نستنتج ممّا سبق؟ بدلاً من محاولة تخمين خطوة لم يقرّرها الفدرالي نفسه بعد، نعتقد أنّ تباين الآراء يشير إلى ضرورة الحذر بدلاً من الثقة في غير محلّها. وبدلاً من اتّخاذ موقف حازم تجاه أيّ جانب في النقاش، فإنّ الحفاظ على موقف مرن يتيح إمكانيّة التحرّك في أيّ من الاتّجاهين، كما يهدف الرئيس باول نفسه إلى فعله، هو خطوة أكثر حكمة.
[6] رسالة من 16 اقتصاديّاً حائزاً على جائزة نوبل
[7] الاحتياطي الفدرالي الأمريكي