دائماً ما تخضع قراراتهم للتدقيق من قبل المستثمرين، بخاصّة في مثل هذه اللحظة الحاسمة حينما يواجه الاقتصاد الأمريكي خطراً مزدوجاً من التضخم الجامح والركود الاقتصادي.
ارتفاع أسعار الفائدة يُبطئ النمو الاقتصادي ويتيح لحاق العرض بالطلب لمواجهة التضخم.
مع استمرار التضخم عند مستويات أعلى من المستهدفة، لم يكن قرار رفع أسعار الفائدة للجلسة السادسة على التوالي بمفاجئة. غير أنّه ثمة تكهنات كثيرة حول الخطوة اللاحقة للفدرالي ومدة استمرار ارتفاع أسعار الفائدة.
السياق في السوق
رغم ارتفاع أسعار الفائدة في كافة الاجتماعات منذ مارس، لا زال التضخم الأمريكي مرتفعاً عند 8,2% بخاصة لأسعار الغذاء والطاقة.[1]
هناك إشارات إيجابية إلى بدء استقرار تأثيرات الحرب في أوكرانيا على التجارة العالمية للسلع وعودة سلاسل الإمداد إلى طبيعتها. عادت أسعار السلع الزراعية إلى مستويات قبل الصراع،[2] كما تراجعت أسعار سلع أخرى كالألواح الخشبية[3] والفولاذ[4] بشكلٍ كبير.
ولكن طالما تستمر القيود على السلع الحرجة كالنفط والغاز الطبيعي، يبقى التضخم مصدر خطر.
تُعدّ نسبة البطالة الأمريكية عند 3,7% منخفضة تاريخياً وتشير بيانات الأجور إلى ارتفاع الطلب على العمالة.[5] قد يزيد ذلك من ارتفاع أسعار الفائدة وسط زيادة الأسعار نتيجة نمو الأجور.
استراتيجية الاحتياطي الفدرالي و التوقعات
يُشكّل ارتفاع سعر الفائدة المستهدف إلى مستوى بين 3,75 و4,0% رابع زيادة قدرها 0,75% لهذا العام.
لمّح رئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول أنّ وتيرة زيادة أسعار الفائدة قد تتراجع،[6] ولكن السعر "النهائي" قد يكون أعلى من المتوقع. ويشير تحرّك أسعار السندات أنّ السقف السابق البالغ 4,6% الذي أشير إليه في اجتماع سبتمبر قد يرتفع إلى 5% أو أكثر.[7]
تشير التوقعات المتباينة بين "التشدد" و"الحذر" أنّ تحرّك أسعار الفائدة سيعتمد على أحداث خارجة عن سيطرة الاحتياطي الفدرالي.
أيضاً، إنّ تأثير الزيادات السابقة لأسعار الفائدة لم يتضح بعد. تتراوح فترة ظهور تأثير تغيّر أسعار الفائدة بشكل ملحوظ بين ستة و12 شهر.[8] وبحلول اجتماع ديسمبر أو فبراير، قد يتضح أكثر مستوى التدخل المطلوب من الفدرالي.
الانعكاسات على المستثمرين
نظرا للتوقعات المحفوفة بالمخاطر للاقتصاد الأمريكي على المدى القصير، يبدو السلوك الحذر والمتباين للاحتياطي الفدرالي مناسباً وينبغي أن يطمئن المستثمرين.
كبح التضخم مهمّ للاقتصاد، وكذلك تفادي الركود. وقد يؤدي الحفاظ على ارتفاع أسعار الفائدة لفترة أطول من اللازم إلى كساد اقتصادي أو تباطؤ كبير.
لارتفاع أسعار الفائدة تأثير عميق على الأسهم. أولاً، يزيد تكلفة رأس المال فيخفض قيمة الأسهم. ثانياً، يزيد تكلفة الدين فيخفض أرباح الشركات. ثالثاً، ينقل المستثمرون رؤوس أموالهم إلى السندات جذابة الأسعار.
سيتّضح مستقبل سياسة الاحتياطي الفدرالي لأسعار الفائدة مع ظهور أرقام العمالة والتضخم خلال الأشهر المقبلة. في غضون ذلك، على المستثمرين توخي الحذر والاستفادة من الفرص فور ظهورها بمساعدة مستشاريهم الماليّين.
[1] Forbes - https://www.forbes.com/advisor/investing/why-is-inflation-rising-right-now/
[2] UN - https://www.un.org/development/desa/dpad/publication/world-economic-situation-and-prospects-november-2022-briefing-no-166/
[3] Markets Insider - https://markets.businessinsider.com/news/commodities/lumber-prices-new-low-housing-market-warning-mortgage-rates-goldman-2022-8
[4] Fastmarkets - https://www.fastmarkets.com/insights/six-months-of-war-how-has-it-changed-the-global-steel-market
[5] Bureau of Labor Statistics - https://www.bls.gov/news.release/pdf/empsit.pdf
[6] CNBC - https://youtu.be/ZMzoCuh-Fhg
[7] Economist - https://www.economist.com/finance-and-economics/2022/11/02/the-fed-delivers-another-jumbo-rate-rise-and-its-far-from-done
[8] US Bank - https://www.usbank.com/investing/financial-perspectives/market-news/federal-reserve-tapering-asset-purchases.html