في إجتماعها في 13 و14 يونيو أوقفت اللجنة الفدرالية للأسواق المفتوحة مؤقتاً سلسلة زيادات أسعار الفائدة التي بدأت في مارس من العام الماضي عند نسبة بين 5% و5,25%، الأعلى منذ 15 عام.
أمّا في الاجتماع المقبل في يوليو الذي يُعدّ الأوّل ضمن أربع جلسات متبقية خلال عامٍ متقلب على صعيد الاقتصاد الأمريكي، فيُتوقّع أن يزيد الفدرالي أسعار الفائدة من جديد.
يتناول هذا المقال تداعيات ما ورد أعلاه على المستثمرين.
الخلفيّة الاقتصاديّة
منذ أن أصبح واضحاً أنّ ارتفاع التضخّم في 2021 لم يكن "مؤقتاً" كما افتُرض في البداية، يخوض الفدرالي معركةً مستمرّةً لكبح نموّ الأسعار عبر زيادة تكلفة الاقتراض وخفض عرض النقود.
الانخفاض التدريجي للتضخّم منذ بدء زيادة أسعار الفائدة رغم استمرار نموّ الوظائف والاقتصاد يشير إلى نجاح سياسة الفدرالي. ويبدو أيضاً أنّه تمّ احتواء الأزمة المصرفيّة البسيطة التي أثّرت في عددٍ صغيرٍ من البنوك في وقت سابقٍ من العام الحالي.
أظهر محضر اجتماع يونيو أنّه على الرغم من تأييد بعض الأعضاء زيادة أسعار الفائدة بنسبة 0,25% إضافيّة، تم وقف زيادة أسعار الفائدة إلى حين توضّح تأثيرات الزيادات السابقة.
تتنبأ توقعات الفدرالي، والتي تعكس آراء كل عضو من الأعضاء حول ما يُسمّى بـ"المخطّط النقطي" (أدناه)، أن يُسجل متوسّط سعر الفائدة بحلول نهاية العام نسبة 5,6%، ما يؤشر إلى زيادتين إضافيّتين للأسعار في 2023. لا يُتوقّع تراجع أسعار الفائدة قبل 2024، مع استهداف وصول النسبة على المدى الطويل إلى ما يقارب 2,5%.[1]
المصدر: CME FedWatch
أحدث البيانات
أظهرت أحدث بيانات الوظائف التي صدرت في 7 يوليو استمرار نموّ الوظائف – وإن كانت بسرعة أبطأ قليلاً من المتوقَّع – مع 209 آلاف وظيفة شاغرة في يونيو.[2] تراجعت البطالة إلى نسبة 3,6% (مقارنةً بنسبة 3,7% في مايو)، مع استمرار نموّ الأجور (4,4%) الذي تجاوز التوقعات (4,2%).[3]
قد تشير هذه الأرقام إلى أنّ الاقتصاد يحتاج إلى المزيد من "التباطؤ". على سبيل المثال، قد يمرَّر نمو الأجور إلى المستهلكين على شكل ارتفاع في الأسعار، في حين قد يتمكّن المستهلكون ذوي الدخل العالي من تحمّل هذه التغييرات في الأسعار – ما قد يؤدي إلى دوامة تصاعديّة.
بالمقابل، أظهر التقرير الأحدث للتضخم الذي صدر في 12 يوليو تراجع التضخّم الكلّي السنويّ من نسبة 4% في مايو إلى 3% في يونيو،[4] ونتج ذلك جزئيّاً عن الانخفاض الحاد في سعر البنزين (-27,1 %) وأسعار الرحلات الجويّة (-18,9 %)، مقارنةً بالسنة الماضية، ما يجعل من تضخّم مؤشر أسعار المستهلكين متماشياً تقريباً مع متوسّط العقدين قبل الأزمة المالية العالمية.[5]
المصدر: مكتب إحصاءات العمل
تراجع التضخم الأساسي (الذي لا يشمل الغذاء والطاقة) بشكل طفيف من نسبة 5,3% في مايو إلى 4,8% في يونيو، ورغم أنّه أعلى بكثير من نسبة 2% المستهدفة، إلّا أنّنا شهدنا أبطأ زيادة شهريّة منذ أغسطس 2021.[6] تُعدّ تكاليف السكن أكبر مساهم في التضخّم، كما تنمو الإيجارات باعتدالٍ أكبر ويُتوقّع أن تستمرّ بالانخفاض خلال الأشهر المقبلة.[7]
أثناء كتابة هذا المقال، أظهر تحليل CME FedWatch إجماعاً كبيراً بنسبة 94,2% حول ارتفاع أسعار الفائدة مجدّداً بنسبة 0,25% في 26 يوليو، في حين تنبأت الأغلبيّة أنّ الزيادات ستتوقف حتى نهاية العام – بعكس أحدث توقعات للفدرالي التي تشير إلى زيادتين إضافيّتين.
الخلاصة
قد تستغرق تأثيرات أسعار الفائدة شهوراً أو أعواماً لتظهر في الاقتصاد بشكلٍ عامّ، ما يضفي عدم اليقين على المسار.
يرى أوستن غولسبي، رئيس الاحتياطي الفدرالي في شيكاغو، أنّنا على "مسارٍ ذهبيٍّ" نحو الانتصار على التضخم الجامح مع تفادي الركود.[8] في الوقت نفسه، يتوقّع المتشائمون في وول ستريت ركوداً قريباً في منحنى العوائد.[9]
في غضون ذلك، قال رئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول بعد وقتٍ قصيرٍ من الاجتماع الأخير أنّ الاقتصاد "يميل لفعل شيء مختلف" عمّا يتوقعه صانعو السياسات.[10]
نظراً إلى استمرار التشديد من الفدرالي والتوقعات غير المؤكدة للاقتصاد الكلّي، ينبغي أن تضمّ الاستراتيجيّة الحذرة لتخصيص الأصول أدوات عالية الجودة للدخل الثابت كسندات الدرجة الاستثماريّة والديون الخاصة مع الحفاظ على المرونة للاستفادة من أي فرص قد تنشأ.